
2025/10/12 | 0 | 51
من أرشيف الحب .. رجل الظل الساطع .. الشاعر عبدالمحسن المطوع ( أبو مهدي )
لا أتحدث هنا عن شاعر يبحث عن الأضواء أو شاعر يركض خلف الشهرة ولو أودى به ذلك إلى التنازل ـ بطيب خاطرـ عن كرامته و عن بعض أو حتى عن كل مبادئه و قناعاته .
وإنما أتحدث عن إنسان ( قروي ) أصيل بكل ما تحمل كلمة ( قروي ) من سجايا الأصالة والطيبة والكرم والنوايا البيضاء ، القروي الذي لم تستطع جلبة المدينة و ضوضائها و نزاعاتها وصلفها لم تستطع التشويش على شيء من سجاياه الكريمة .
أتذكر تماما طلبه الانضمام إلينا في ( منتدى الينابيع الهَجَرية ) عندما كنا نعقد جلستنا الأسبوعية في مزرعة المرحوم الملا ( حجي الراشد ) فطلبنا منه تقديم نسخة من آخر ثلاث قصائد كتبها لتقرر اللجنة المختصة إنضمامه من عدمه و سمحنا له بحضور جلسة واحدة ضيفا عزيزا لحين البت في أمر انضمامه الدائم .
و أتذكر تماما استمراره في حضور الجلسة ضيفا و أتذكر لجوءه إلى الأستاذ جاسم الصحيح للتوسط في قبوله عضوا دائما في المنتدى بعدما تأخر عليه قرار اللجنة و إلحاح الأستاذ جاسم على الموافقة على عضويته فكان له ما أراد .
و أتذكر اصطحابه لنجله ( مهدي ) في ليلة شاتية إلى إحدى جلسات المنتدى في مزرعة صغيرة اشتريتها لاحقا في طرف ( الشهيبي ) بين المبرز و قرية الجبيل ولم يكن مهدي آنذاك قد تجاوز الخامسة من عمره وأتذكر أيضا كيف كان الأستاذ عبدالمحسن يشرح لمهدي معاني بعض الكلمات التي ترد في قصائد الشعراء والجديدة على سمع طفل صغير مثله . ( مهدي ) الذي أصبح من الحريصين على حضور جلسات المنتدى الأسبوعية كلما تيسر له ذلك حتى قرأ علينا أولى محاولاته الشعرية وكانت مكتوبة على ورقة من دفتر ( المدرسة ) ـ وما تزال نسختها الأصلية محفوظة في أرشيف المنتدى ـ و أتذكر الثناء و التشجيع الكبير الذي حصل عليه ساعتها لتزيد ثقته بنفسه و ليصبح من الشعراء المثابرين و أصحاب المجموعات الشعرية المطبوعة مبكرا .
وأتذكر الكثير من قفشات الأستاذ عبد المحسن في جلسات ( المنتدى ) و الكثير من أبياته الطريفة التي لا يمرعلينا يوم دون أن نستذكر شيئا منها كقوله :
( برَدَ الشاي و لم نشعـر به ... هكذا يبردُ شاي العاشقين )
ولا أنسى دعواته العديدة أيضا لي وبعض الخواص من شعراء المنتدى إما لغداء أو لعشاء أو لفطور على مائدة رجل بسيط محدود الدخل و لكنها تشبه كثيرا موائد الأثرياء لشدة ما هو كريم و حريص على إثبات محبته و تقديره الكبير لضيوفه .
والأستاذ عبدالمحسن لم يكن بعيدا عن الشعر والأدب قبل انضمامه ( لمنتدى الينابيع ) بل كان يرعى لقاءً أسبوعيا في منزله لمجموعة من شعراء واعدين من جيرانه مثل الأستاذ حسن المبارك والأستاذ مكي الشومري والأستاذ إبراهيم العايش و الأستاذ محمد مهدي الصالح والمرحوم الأستاذ أحمد الحبابي و غيرهم ولا أنسى أنني حضرت مرة معهم إحدى الجلسات عام 1424 هـ فحياني بأبيات قال فيها :
يا زائرا إنّ هذا القلب أرّقــهُ
حلمُ اللقاء و قد أسعدتَه الآنا
تبسّمَ الوصلُ لما جئتَ تعقده
في منتدىً لكُمُ كم كان ولهانا
تواضعا منك أن تمدد إليه يداً
يا شاعراً صار في الأحساء ربانا
قدِمتَ ترفل في حبٍّ و ما برحَتْ
تبث نفسُك منه الشعر ألوانا
فدُمتَ للشعر قيثاراً و داليةً
ودمتَ للحب يابن الحرز عنوانا
فأجبته بهذه الأبيات المثبتة هي و سابقتها في ديوان ( العنقود ) الصادر في دمشق عام 1426 هـ :
الحب شرعي ووادي الشعـر مملكتي
مازلت أرعاهما حبــاً و تحنانـــا
وأنتمُ الألقُ الممتد من حُـرقــي
لـيُـتْـرِعَ الأفق الظمــآن أشجانا
فإنْ تعاهدتكم بالشوق فالتمسوا
قلبــاً بصدري لا ينفك تظنانــا
فهو الذي لم يدع يوما يمر بلا
دمع ٍ يحرّقُ من عينــيّ أجفانا
وهو الذي لم يدع ليلا يمر بلا
سُهدٍ أُراقبُ منه النجم لهفانا
فهدهدوهُ بما يرجوهُ من فرَحٍ
فهو اصطفاكمْ لبَرد الوصل عنوانا
والأستاذ عبد المحسن بن علي بن حسين المطوع ـ لمن لا يعرفه ـ من مواليد بلدة ( الحوطة ) ـ حوطة العمران ـ في الأحساء القرية التي أنجبت أمير الشعراء الشباب الأستاذ حيدر العبدالله وابن أخته الشاعر أحمد بن عيسى الحجي و ( سندباد القصيدة الهَجَرية ) الأستاذ الشيخ يحيى الراضي والأستاذ الشاعر حسن المبارك والأستاذ عبد المحسن حاصل على دبلوم صحي يكتب القصيدة الفصيحة والعامية نشر العديد من قصائده وشارك في العديد من الإحتفالات والأمسيات الشعرية وله مجموعتان شعريتان مطبوعتان ( لغة الشموع و الورود ) و ( انتفاضة من شعر الولاء ) و له ترجمة و مختارات من قصائده في ( معجم شعراء منتدى الينابيع الهَجَرية ) الصادر عام 1434 هـ
نماذج من شعره :
من قصيدة له بعنوان ربيع يحيي فيها مدينة (العمران ) حيث تقع بلدته الحوطة في ضواحيها :
رف الفؤاد وما احتواه مكانُ
إلاك يا أماهُ يا ( عمرانُ )
طفلٌ يرى في جانحيك ربيعه
فالنفس كونٌ أخضرٌ فينـــانُ
والنبضُ وردٌ صافتحته نسائمٌ
فتراقصت بغنائـــها وديـــان
هذا الربيع على يديك مفتّــحٌ
فأتيتُ يسبقُ جانحــيّ جَنـــانُ
ودخلتُ في الواحات بين جمالك
الأبديّ .. حيث تحلّـق الندمان
وله من قصيدة بعنوان هروب :
هربتُ من حفـــرة الآثام في ذاتي
لأستقـــر بميـــدان الكمــــالاتِ !
تزفني في صحارى النفـــس قافلة
من الرؤى البكر تحدوها صباباتي
وها أنا اليــوم مولــودٌ رفعت إلى
روح الولاء .. بآفــاق البطــولات
عرجتُ من باب عشق المصطفى ثملا
بما اجتبى في يقينــي من هداياتِ !!
وله من قصيدة بعنوان ( وحدة ) :
رجالٌ إلى العلياء تاقت نفوسهم
فلا شابها وهنٌ ولا صدّها شُغلُ
تآخوا على الإيمان في الله ما بهم
سوى الفضل مبذولا فغايتهم نُبلُ
دويّهُــمُ كالنحـل عند اجتهــاده
فإنتاجــه شهدٌ و إنتاجهمْ بَـــذلُ
جديد الموقع
- 2025-10-12 جيل زد ورؤية 2030: شباب يصنعون المستقبل السعودي
- 2025-10-12 اطمئني! لا يوجد دليل علمي حاسم حتى الآن على وجود علاقة سببية بين تناول مسكنات الألم أثناء الحمل وإصابة المولود بالتوحد ولكن يبقى الطبيب المختص أفضل مرجع قبل قرارك تناول المسكنات.
- 2025-10-12 في معنى الوطنية SA
- 2025-10-10 سناب أبي منير البقشي (المؤلف الباحث الأستاذ أحمد بن الشيخ حسن البقشي )
- 2025-10-10 أصدقاء عبر الزمن بنكهة أخوية
- 2025-10-10 (شعراء نوعيُّون)
- 2025-10-09 ولكنّ ما تقرأ لا يندثر ولا يغيب
- 2025-10-09 أمين الأحساء في زيارة لجمعية دار السلام لإكرام الموتى
- 2025-10-09 صفوة التواصل والاهتمام للوجيه الاجتماعي والفنان الغائب الحاضر الحاج: أحمد بن حسن السعيد (سلمه الله)
- 2025-10-09 ناصية الوجع للناشطة الاجتماعية بالفريج الشمالي الجدة: فاطمة بنت علي المعيوف (رحمها لله)